المؤسسة التعليمية العربية – جمعية حركة السلام الكاثوليكية الدولية (باكس كرستي) بيت لحم / فلسطين
كانون الأول 2022
الإخوة والأخوات الأعزاء في الإنسانية،
أبناء وبنات الشعب الفلسطيني الأعزاء
أعزائنا أعضاء مجموعات المؤسسة والأصدقاء والشركاء والممولين، هنا وفي الخارج،
نتمنى لكم جميعًا مجيئًا مباركًا وعيد ميلادٍ مجيد.
في بلدنا الحبيب – مسقط رأس السيد المسيح – نحتفل بعيد الميلاد وجميع الأعياد المسيحية والإسلامية الأخرى بالإيمان من خلال العمل، وإبقاء شعلة الأمل رغم غياب الأمل، وبفرح وصمود على الرغم من مظالم الاحتلال والصعوبات الداخلية التي يعاني منها شعبنا وفي ظل نسيان تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بطموحاتنا الوطنية الفلسطينية.
وبمناسبة هذا العيد السعيد، ندعوكم لمرافقتنا في بعض لحظات من التأمل والصلاة في قصة الميلاد، ولتحليل المعاني والقيم الحقيقية التي تساعدنا جميعًا في تعزيز صمودنا وهدفنا المشترك ورسالتنا وعملنا الجماعي لتحقيق سلام عادل، كما نفهم من هذه المقولة: “عالم الأصدقاء هو عالم السلام.”
لقد تم التنبؤ بميلاد يسوع في نبوءات العهد القديم. وفي وقت لاحق، مهّد يوحنا المعمدان بمجيء ووصول يسوع المسيح.
ومن الشخصيات الأخرى في قصة الميلاد هي السيدة العذراء مريم بنت الناصرة، والتي اختارها الله بطريقة خاصة وفريدة من نوعها حسب الكتاب المقدس، وكما جاء في القرآن”وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ”. وقد أصغت مريم العذراء جيدًا لكلمات ملاك الله جبرائيل: “وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَيُدعَى اسمُهُ عِمّانُوئِيل”. وكانت العذراء رمزًا لمشيئة الله وطاعته وقبوله وأصبحت أماً ليسوع. كما وكانت قدوة حسنة للأمومة والحب والرعاية والمرافقة والتضحية.
وكان يوسف هو النجار البسيط والمطيع والمتعاون مع الله في ولادة يسوع المسيح، وهو الرحيم أيضاً: “كنت أنا وأمك نبحث عنك.”
وتعد شخصية الرعاة، أسلاف جيراننا في بيت ساحور، نموذجًا آخراً لبساطة المهمشين والفقراء والشجعان والمطيعين والصامدين، فقد كانوا مصغين وحازمين وملتزمين بتراتيل الملائكة.
ومن الشخصيات الأخرى في قصة الميلاد هم الحكماء – مجوس الشرق – الذين ساروا بلا كلل صامدين، ومُنقادين لنجومهم الفلكية وقادمين كأشخاص بسيطين ومطيعين وقادة عظماء ليقدموا هدايا ثمينة جدًا للطفل يسوع. وقد كانت رحلتهم طويلة ولكنها قدمت لنا دليلاً على الصمود وأهمية القادة العظام وواجبهم في “الخدمة”، كما قال المسيح: “جئت لأخدم لا لأُخدَم”. وبالتالي فهم يرمزون للإنسانية والتواضع والتواصل بين القادة الذين يتعين عليهم النزول من أبراجهم العاجية إلى القاعدة الشعبية بروح عيد الميلاد، والعطاء بحب وفرح وبالارتباط الوثيق مع المواطنين.
وأخيرًا وليس آخرًا في رحلتنا التأملية هذه لنتذكر مدينة بيت لحم، المكان والزمان لهذا الحدث التاريخي والروحي والديني والأعجوبي، والسؤال المطروح هنا: “لماذا اختار الله بيت لحم لتكون مكان الولادة والخلاص، والتجسد والتواصل مع جميع البشر، وهذا ليس فقط للمسيحيين ولكن لجميع الشعوب والثقافات؟
لقد تم تقديس ومباركة هذا الاختيار لمدينة بيت لحم، ومن ثم قدسنا الحبيبة وجميع المواقع الأخرى لنشر تعاليم يسوع في المحبة والسلام. وهذا الاختيار موجه لنا جميعًا، بغض النظر عن خلفياتنا المختلفة ليقول الله لنا: “اعتنوا بأرضي المقدسة: أحبوها كبيتنا المشترك.” ويريد الله أيضًا، في اختياره لهذا المكان المقدس، أن يقول لنا: أحبوا بعضكم بعضًا كما تحبوني، وكونوا صامدين، وأحبوا أرضكم كبشر ومواطنين مسؤولين وملتزمين.
وختاماً إن قصة الميلاد هي أعظم هدية حب وفرح وصمود وسلام – وعلينا ترجمتها إلى أفعال. ونتمنى أن تملأ بركات عيد الميلاد قلوبنا وعقولنا وحياتنا كبشر وفلسطينيين طول فترة زمن المجيء وأعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة.
كما ونناشد الجميع لرفع الصلاة الى الباري تعالى “أن يستخدمنا كأدوات لسلامه”، وإلى تعميق إيماننا وحبنا وأملنا وخدمتنا لكافة المضطهدين والفقراء والشعب الواقع تحت الاحتلال وخاصة أطفالنا وأسرانا.
“ليس المهم مقدار ما نعطيه، ولكن الأهم مقدار الحب الذي يرافق هذا العطاء” – الأم تيريزا
“الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ”.
وكل عام وأنتم بخير ووحدة وحرية وسلام عادل